أبرز المشاكل التربوية العائلية الشائعة وكيفية تجنبها

تظهر المشاكل التربوية العائلية الشائعة ضمن نطاق الأسرة، وسوف نتناول هذه المشاكل كأمثلة لا للحصر، بهدف تسليط الضوء على قضايا قد تنشأ في المنزل وتتفاقم فيه.

أبرز المشاكل التربوية العائلية الشائعة

الهدف من ذكر المشاكل التربوية العائلية كي يكونا الوالدين على وعي بها وأن يسعيا لتجنبها قدر الإمكان، وأن يستعدا لمواجهتها بالتحضير المناسب، وأن يحميا الطفل من تأثيراتها النفسية والجسدية  :-

❶ ترتيب الطفل في الأسرة

يعتبر ترتيب الطفل في الأسرة من العوامل المؤثرة بشكل كبير على نشأته وتطوره النفسي والاجتماعي، حيث يمكن أن يؤثر ذلك على شخصيته وتفاعله مع إخوته ووالديه وسوف نتناول هذه المشكلة على النحو التالي :-

الاهتمام المفرط بالبكر

  من المشاكل التربوية العائلية الشائعة تكريس الوالدين للطفل البكر اهتمامًا وافرًا ، ويُغدقون عليه مودتهم ويُحيطونه بعنايتهم، فينمو مُتشبثًا بقناعة أنه محور الاهتمام داخل الأسرة. غير أنه سرعان ما يجد نفسه أمام واقع جديد بميلاد أخٍ أو أختٍ.

يجد الوالدان، وبخاصة الأم، أنفسهم مُضطرين، تحت وطأة الحاجة الماسة لرعاية الوليد الجديد، إلى توجيه جزء من اهتمامهم نحوه، مما يُثير لدى الابن الأكبر شعورًا بالحرمان من حنانهم وعطفهم، فينبعث في نفسه البغض والحسد والغيرة تجاه المولود الجديد. هذه الواقع يعد من أهم المشاكل التربوية العائلية الموجود في كثير من الأسر

تداعيات ولادة الأخ الثاني

من  المشاكل التربوية العائلية المتكررة باستمرار الحوادث التي فيها يحاول الأخ الأكبر الاعتداء على الأخ الأصغر، على الرغم من تلقيه تعاليم تؤكد على ضرورة حبه ورعايته لأخيه. ومع ذلك، تتكرر المأساة عندما يأتي طفل ثالث، فيجد الثاني نفسه في موقف الأول، وينتهي به الأمر إلى الشعور بأنه يجب عليه التنافس مع من سبقه ومن جاء بعده.

وهكذا تستمر الدورة حتى يأتي الطفل الأخير، الذي غالبًا ما يصبح مصدر تسلية لأسرته ويدللونه، مما يؤدي إلى إفساده وجعله محط كراهية إخوته وأخواته الأكبر سنًا.

دور علم النفس في معالجة المشكلة

تُعد هذه المعضلة من المشاكل التربوية العائلية التي يجب أن تستدعي انتباه الأسر، حيث خصص علم النفس الحديث جزءًا كبيرًا من اهتمامه لهذه المشكلة، مؤسسًا عليها العديد من نظرياته وأساليب علاجه.

الحل الأمثل يكمن في إعداد الطفل الأكبر سنًا لاستقبال أخيه الجديد والتأقلم مع وجوده، بالاهتمام بمراقبة العلاقة بين الإخوة لتجنب إمكانية العداء.

يتطلب الأمر أيضًا توزيع الحب والعطف من قبل الوالدين والأقارب بإنصاف ووعي، مع التأكيد على العدالة بين الأبناء والبنات، سواء كانوا الأكبر أو الأوسط أو الأصغر سنًا.

أهمية العدالة في تربية الأبناء

تبرز أهمية العدالة في تربية الأبناء، حيث يجب على الوالدين الحرص على توزيع الرعاية والاهتمام بشكل متساوٍ، ولا سيما فيما يتعلق بالمتطلبات المادية. تشمل هذه المتطلبات كل ما يحتاجه الأبناء من مأكل وملبس ومسكن وتعليم ورعاية صحية.

يتطلب الأمر أيضًا توفير بيئة آمنة ومستقرة تساعدهم على النمو والتطور. ومن الضروري أن يتم توفير هذه الاحتياجات بعدالة، بحيث لا يشعر أي من الأبناء بالتفضيل أو الإهمال، مما يسهم في بناء شخصياتهم بشكل متوازن ويعزز من قدرتهم على التعايش الإيجابي مع إخوانهم ومجتمعهم.

❷ مشكلة الطفل الوحيد والمدلل

الطفل الوحيد هو ذلك الصغير الذي ينمو في كنف أسرة لا يشاركه فيها إخوة، وبالتالي يصبح محور اهتمام والديه. يحظى بميزات عدة كالعناية المفرطة والرعاية الشخصية. تُلبى جميع رغباته دون استثناء وتُعتبر كلمته مُطاعة، ينمو وفي ذهنه اعتقاد راسخ بأنه محور الكون وأن مشيئته تُمثل القانون.

 الطفل الوحيد مع الواقع والتحديات

عندما يواجه الطفل الوحيد الحياة الواقعية بكل ما تحمله من قسوة وتحديات، يصطدم بحقيقة أن العالم لا يخضع لإرادته الشخصية. هذا الصدام يُولد لديه شعورًا بالإحباط، وغالبًا ما يؤدي به إلى الانكسار والانطواء والتشاؤم.

ليس من المستغرب أن يجد هذا الطفل نفسه في نهاية المطاف بحاجة إلى استشارة طبيب نفسي. وفي أغلب الأحيان، يُصبح الفشل مصيرًا محتمًا لمثل هذا الطفل إذا لم يُعاد توجيهه بشكل صحيح.

 أهمية التربية المتوازنة

من المهم أن يتعلم الأطفال كيفية التعامل مع الصعاب وأن يكون لديهم القدرة على التكيف والاعتماد على أنفسهم. لذا يجب على الأهل توفير الدعم والحب.

وأيضًا تشجيع الطفل على تطوير مهارات الحياة الأساسية مثل الاستقلالية والمرونة والمثابرة. هذا يساعد في تحضيرهم للنجاح والتغلب على التحديات في المستقبل، بدلاً من الشعور بالضعف والفشل عند مواجهة العقبات 

من أهم المشاكل التربوية العائلية الشائعة الطفل المدلل الذي عانى من مرض أو مر بظرف خاص، كأن يكون صبياً بين عدد من البنات؛ فيستغل محبة أهله وعطفهم ليتحكم في البيت، ويخرج إلى العالم الواسع غير مزود بالقدرة على الكفاح والنضال في سبيل البقاء. حينئذ تسحقه الحياة وتتركه وراءها ضعيفًا، مريضًا، وفاشلًا، يشعر بالمرارة وخيبة الأمل.

❸ مشكلة الطفل المهمل

الطفل الذي لا يحظى بالعناية والحب الكافيين من والديه أو من يقوم برعايته، ولا يتلقى الاهتمام الذي يحصل عليه الأطفال الآخرون، قد يشعر بالظلم وينمو وهو يحمل مشاعر الغضب والحقد. هذا الشعور بالإهمال قد يدفعه للتمرد والثورة على المجتمع، وقد يتحول إلى شخص يسبب الضرر والتخريب.

قد يكون هذا الطفل تحت رعاية والديه، أو زوجة الأب، أو زوج الأم، أو عمه أو خاله. والأمر يزداد صعوبة إذا كان هناك أطفال آخرون في البيت يتلقون الحنان والعطف الذي يفتقده هو، مما يعمق شعوره بالمرارة ويجعل تمرده أكثر عنفًا.

لذا، يجب على الأسرة - سواء كانت الأسرة الأصلية أو الأسرة التي ترعى وتحمي الطفل - أن توفر للطفل الرعاية والعناية اللازمتين.

من المشاكل التربوية العائلية عدم فهم بعض الأسر بأن الرعاية لا تقتصر على توفير الطعام والشراب والملبس والتعليم فقط، بل يجب أن تشمل الحنان والاهتمام العاطفي. فقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – "الكلمة الطيبة صدقة، وهذا ينطبق على الغرباء ويزداد أهمية بالنسبة للأقارب.

 ◾ تأثير الإهمال العاطفي على الطفل

الطفل الذي لا يحظى بالعناية والحب الكافيين من والديه أو من يقوم برعايته، ولا يتلقى الاهتمام الذي يحصل عليه الأطفال الآخرون، قد يشعر بالظلم وينمو وهو يحمل مشاعر الغضب والحقد هذا الشعور بالإهمال قد يدفعه للتمرد والثورة على المجتمع، هذه المعضلة من المشاكل التربوية العائلية التي تحول الطفل إلى شخص يسبب الضرر والتخريب.

◾ تأثير البيئة الأسرية على شعور الطفل

قد يكون هذا الطفل تحت رعاية والديه، أو زوجة الأب، أو زوج الأم، أو عمه أو خاله. والأمر يزداد صعوبة إذا كان هناك أطفال آخرون في البيت يتلقون الحنان والعطف الذي يفتقده هو، مما يعمق شعوره بالمرارة ويجعل تمرده أكثر عنفًا.

◾ أهمية الرعاية العاطفية في الأسرة

يجب على الأسرة - سواء كانت الأسرة الأصلية أو الأسرة التي تتبنى الطفل - أن توفر للطفل الرعاية والعناية اللازمتين.

من المهم التأكيد على أن الرعاية لا تقتصر على توفير الطعام والشراب والملبس والتعليم فقط، بل يجب أن تشمل الحنان والاهتمام العاطفي. فقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – "الكلمة الطيبة صدقة"، وهذا ينطبق على الغرباء ويزداد أهمية بالنسبة للأقارب. 

إحدى المشاكل التربوية العائلية
الصورة تعبر عن علاقة الوالدين السيئة - إحدى  المشاكل التربوية العائلية
 

 ❹ علاقة الوالدين السيئة وأثرها على الطفل

العلاقة بين الوالدين هي الأساس الذي يُبنى عليه نمو الطفل العاطفي والاجتماعي. إنها تُشكل النموذج الأول للتفاعلات الإنسانية التي يتعلم منها الطفل ويستقي منها خبراته في ما يلي توضيح لكيفية تأثير هذه العلاقة :-

◾ تأثير علاقة الوالدين على نمو الطفل

تتأثر شخصية الطفل وسلوكه بشكل كبير بنوعية العلاقة بين والديه. الطفل الذي ينشأ في بيئة مليئة بالحب والاحترام المتبادل بين الوالدين يميل إلى تطوير مهارات اجتماعية أفضل ويكون لديه ثقة أكبر بالنفس.

بينما الطفل الذي يعيش في بيئة تسودها النزاعات المستمرة والعلاقة السلبية بين الوالدين يمكن أن يواجه مشاكل نفسية وسلوكية، مثل انخفاض الثقة بالنفس، والقلق، وصعوبات في التعامل مع الآخرين..

◾ أثر البيئة الأسرية السلبية على سلوك الأطفال

الدراسات المتعلقة بالأطفال المنحرفين والأحداث الجانحين والمجرمين تشير إلى أن الغالبية العظمى من هؤلاء الأفراد تأتي من أسر تعاني من المشاكل التربوية العائلية أهمها الافتقار إلى التفاهم بين الوالدين .

غالبا ما يكون الأب في هذه الأسر شخصا يعاني من الإدمان على الكحول أو يتسم بالعنف والتعدي على الزوجة والمشاجرة المستمرة معها.

كما يُلاحظ أن الأب غالبًا ما يغيب عن المنزل، أو أن الأم تضطر إلى الخروج منه، مما يؤدي إلى غياب علاقات المحبة والاحترام والمعاملة الحسنة بين الوالدين. هذا الغياب قد يؤثر سلبًا على الأطفال ويسهم في تطور سلوكيات غير صحية.

◾ ركائز العلاقة الزوجية المثالية

العلاقة الزوجية المثالية تعد بمثابة السد المنيع أمام حدوث المشاكل التربوية العائلية، حيث تستند إلى أربع ركائز أساسية: التفاهم، المودة، الاحترام، والصداقة. التفاهم ينبع من الإدراك المتبادل وتقدير وجهات النظر المختلفة، بينما تتأصل المودة في العطف والتعاطف. يتشكل الاحترام من خلال التقدير المتبادل والاعتراف بقيمة الآخر، وأخيرًا، تُعد الصداقة اللبنة الأخيرة لعلاقة زوجية ناجحة، حيث تقوم على الثقة والدعم المتبادل.

هذه الأسس الأربعة تضمن بناء علاقة زوجية متينة ومتوازنة، توفر بيئة خالية من المشاكل التربوية العائلية ، ومثالية لنمو الأطفال وتطورهم في جو يسوده الحب والتفاهم بين جميع أفراد الأسرة.

◾ أهمية العلاقة الزوجية القوية

إن الأساس الراسخ لتربية الأبناء يكمن في العلاقة الزوجية القوية والمتينة، التي تعتبر شرطًا أساسيًا لتنشئة الأطفال في بيئة منزلية سليمة خالية من المشاكل التربوية العائلية.

يلعب الحضور الفعّال لكل من الأب والأم دورًا حيويًا في الصحة النفسية للأطفال، وتُعد العناية والاهتمام الذي يُوليانه لأبنائهما عاملًا مهمًا في تربيتهم الحسنة وتشكيل سلوكهم وتصرفاتهم الإيجابية.

من جهة أخرى، الأب الذي يُهمل أسرته ويقضي وقته بعيدًا عن المنزل في أماكن كالمقاهي أو الأندية، يُعرض أبناءه للحرمان من حقهم في التوجيه والعطف والرعاية.

وكذلك الأم التي تتغيب عن المنزل لأسباب غير ضرورية، تُسهم في تقصير دورها كمربية وموجهة، مما يُعد تقصيرًا في الواجبات الأسرية قد يُعادل أو يزيد عن تقصير الزوج.

إن الاهتمام المتبادل والمشاركة الفعّالة بين الوالدين تُعد عناصر حيوية لضمان تنشئة الأطفال في جو يسوده الحب والاحترام والتفاهم.

الخــاتـمـــــة

 إن معالجة المشاكل التربوية العائلية الشائعة تتطلب من الوالدين الوعي والالتزام بتوفير بيئة متوازنة وآمنة للأطفال.

يجب على الأسرة أن تُدرك أهمية توزيع الحب والرعاية بشكل عادل بين جميع الأبناء، وتجنب التفرقة التي قد تولد مشاعر الحسد والغيرة بينهم. كذلك، من الضروري تهيئة الطفل الأكبر لاستقبال إخوته الجدد ومراقبة التفاعلات بينهم لمنع نشوء العداء.

إن الأسرة المثالية هي التي تعتمد على أسس العدالة والمساواة في التعامل مع جميع أفرادها، وتوفر الرعاية العاطفية المتزنة بجانب الاحتياجات المادية. بالإضافة إلى ذلك تلعب العلاقة القوية بين الوالدين دورًا محوريًا في تنمية الأطفال بشكل سليم  إحيث يشعرون بالأمان والاحترام في ظل بيئة يسودها الحب والتفاهم.

صحتك 360
صحتك 360
تعليقات