اضطرابات القلق: الأنواع، الأسباب، الأعراض وطرق الوقاية والعلاج

يعتبر القلق العرضي  جزء طبيعي من الحياة اليومية، حيث يشعر الكثير من الناس بالقلق حيال أمور مثل الحياة المعيشية أو الصحة أو المال أو المشاكل العائلية أو العملية التعليمية ، لذلك يُعتبر هذا النوع من القلق جزءًا عاديًا من التجربة الإنسانية وفي بعض الأحيان قد يكون القلق محفز للشخص  لمواجهة تحديات الواقع المعاش.

لكن عندما يتحول القلق إلى اضطرابات يصبح مختلفًا بشكل جوهري حيث تتجاوز هذه الاضطرابات مجرد القلق أو الخوف المؤقت. فبالنسبة للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات القلق، فإنه لا يختفي وقد يزداد سوءًا بمرور الوقت، مما يؤثر على الأنشطة اليومية مثل الأداء الدراسي والوظيفي والعلاقات الاجتماعية والأداء أمام الجمهور والأنشطة اليومية بشكل عام.

وفقاً لمنظمة الصحة العالمية فإن اضطرابات القلق من أكثر الاضطرابات النفسية شيوعا في العالم، حيث أصيب بالإضطرابات النفسية 301 مليون شخص في عام 2019.

اضطرابات القلق 

يُصنَّف القلق إلى أربعة مستويات: خفيف، ومعتدل، وشديد، وذعر. وقد تتداخل أنماط السلوك والخصائص بين هذه المستويات، كما هو موضَّح في الجدول التالي :-
مستويات القلق
تصنيف القلق الى مستويات حسب الأعراض وأنماط السلوك 

أنواع اضطرابات القلق والأعراض المرتبطة بها

تتعدد أنواع اضطرابات القلق،حيث تشمل اضطراب القلق العام، واضطراب الهلع، واضطراب القلق الاجتماعي، بالإضافة إلى أنواع مختلفة من الرهاب. فيما يلي شرح موجز لكل نوع :-

1- اضطراب القلق العام

اضطراب القلق العام هو حالة تتميز بقلق وتوتر مزمنين ومفرطين حيث يعاني الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب من قلق متكرر ويستمر لعدة أشهر، وأحياناً لسنوات، حتى في غياب سبب واضح لهذا القلق.

أعراض اضطراب القلق العام

  • الشعور بالتعب والارهاق بسهولة
  • السرعة في الانفعال ، و التوتر العضلي
  • الإصابة بالصداع، وآلام في المعدة، أو آلام غير مبررة
  •  صعوبة السيطرة على مشاعر القلق ، والصعوبة في التركيز
  • الأرق أو اضطرابات النوم مثل صعوبة النوم أو الاستمرار فيه
  • الشعور بالقلق أو الجرح أو على الحافة

الجرح يشير إلى مشاعر الألم العاطفي الناتج عن تجربة مؤلمة أو صدمة، مثل مشاعر الحزن أو الغضب أو الندم. أما مصطلح 'على الحافة' فيعني على وشك الانهيار أو فقدان السيطرة

 2-اضطراب القلق الاجتماعي

يتميز اضطراب القلق الاجتماعي بالخوف الشديد والمستمر من المواقف الاجتماعية أو الأداء أمام الآخرين وقد يعيق هذا الخوف الذهاب إلى العمل، أو الذهاب إلى المدرسة، أو القيام بالأنشطة اليومية.

أعراض اضطراب القلق الاجتماعي

  • الخوف من التحدث أمام الجمهور والتعرض للإحراج أو النقد.
  • احمرار الوجه، أو التعرق، أو الارتعاش في المواقف الاجتماعية
  • تسارع ضربات القلب وآلام في المعدة
  • صعوبة في التواصل البصري أو التواجد حول الأشخاص الغير معروفين
  • مشاعر الوعي الذاتي أو الخوف من أن الناس سوف يحكمون عليهم بشكل سلبي

3-الاضطرابات المرتبطة بالرهاب

الرهاب هو خوف شديد أو نفور من أشياء أو مواقف معينة. على الرغم من أن القلق قد يكون واقعياً في بعض الظروف، إلا أن الخوف الذي يشعر به الأشخاص المصابون بالرهاب لا يتناسب مع مستوى الخطر الفعلي الذي يمثله الموقف أو الشيء ، ويوجد عدة أنواع من الرهاب والاضطرابات المرتبطة بالرهاب منها :-

 الرهاب المحدد

الأشخاص الذين يعانون من رهاب محدد يشعرون بخوف شديد أو قلق مفرط تجاه أنواع معينة من الأشياء أو المواقف. قد تشمل هذه الأشياء الطيران، والمرتفعات، وحيوانات معينة مثل العناكب والكلاب، أو الثعابين بالإضافة إلى مواقف مثل تلقي الحقن أو رؤية الدم.

أعراض الرهاب المحدد

  1.  خوف شديد ومستمر من كائن أو موقف محدد.
  2. تجنب الكائن أو الموقف المسبب للرهاب.
  3. ردود فعل جسدية مثل التعرق أو الخفقان عند مواجهة الكائن أو الموقف.

 رهاب الخلاء

رهاب الخلاء هو اضطراب نفسي يتسم بالخوف الشديد من المواقف التي قد يكون فيها الهروب صعباً أو قد لا تتوفر فيها المساعدة إذا حدثت نوبة ذعر مثل:

৹  التواجد خارج المنزل بمفرده
৹  التواجد في حشد من الناس
৹  استخدام وسائل النقل العام
التواجد في الأماكن المغلقة أو الأماكن المفتوحة

4- اضطراب القلق الانفصالي

يظهر اضطراب القلق الانفصالي غالباً في الأطفال، وقد يؤثر على البالغين أيضاً ، ويتميز بالخوف المفرط من الانفصال عن الأشخاص الذين تربطهم بهم علاقة وثيقة

أعراض  اضطراب القلق الانفصالي

 قلق مفرط عند الابتعاد عن المنزل أو الأشخاص المحبوبين.

 كوابيس عن الانفصال.

 رفض الذهاب إلى المدرسة أو العمل.

 الشكوى من الأعراض الجسدية عند الانفصال.

5- اضطراب الوسواس القهري

يتميز اضطراب الوسواس القهري بوجود أفكار متكررة غير مرغوب فيها وسلوكيات قهرية متكررة تهدف إلى تخفيف القلق الناتج عنها

أعرض الوسواس القهري

  • وساوس متكررة حول النظام والنظافة أو الخوف من الإصابة.
  • سلوكيات قهرية مثل غسل اليدين المستمر أو الجسم بشكل عام أو التحقق المتكرر من وجود الأشياء.
  • الشعور بالضيق الشديد إذا لم يتم أداء السلوكيات القهرية.

6- اضطراب ما بعد الصدمة

اضطراب ما بعد الصدمة يحدث بعد التعرض لحدث صادم أو مرعب، مثل الكوارث الطبيعية، والحروب، والاعتداءات، أو الحوادث المرورية.

أعراض اضطراب ما بعد الصدمة

  1. تغييرات في أنماط السلوك والمزاج
  2.   ذكريات مؤلمة أو كوابيس تتعلق بالحدث الصادم
  3.  التوتر الزائد أو اليقظة الزائدة 
  4.  تجنب ممارسة الأنشطة أو الأماكن تذكر بالحدث.

7- اضطراب الهلع

ما يميز اضطراب الهلع هو بنوبات مفاجئة ومتكررة من الخوف الشديد، والتي تصل إلى ذروتها خلال دقائق وتُعرف بنوبات الهلع.. ومن المهم معرفة أن ليس كل من يعاني من نوبة هلع سيصاب باضطراب الهلع.

أعراض اضطراب الهلع

  خفقان القلب السريع و مشاعر الموت الوشيك

  الخوف الشديد أو الانزعاج

  الشعور بفقدان السيطرة حتى في غياب خطر أو سبب واضح

  التعرق و الارتجاف أو الوخز

  الشعور بالاختناق والم في الصدر 
 
يمكن أن تحدث نوبات الهلع بشكل متكرر عدة مرات في اليوم أو نادرًا وقد تحدث عدة مرات في السنة.

8-  اضطراب القلق الصحي

اضطراب القلق الصحي، أو اضطراب القلق المرضي، يتميز بالقلق المفرط والمستمر حول الصحة والخوف من الإصابة بأمراض خطيرة.

أعراض اضطراب القلق لصحي

  • يقوم الشخص بإجراء فحوصات طبية متكررة بحثاً عن علامات المرض
  • زيارة الأطباء بشكل متكرر.
  • تجنب ممارسة الأنشطة أو الأماكن خوفاً من الإصابة بالمرض.
  • قلق مفرط بشأن الأعراض الصحية الجسدية العادية 

هذه الأنواع المختلفة من اضطرابات القلق يمكن أن تؤثر بشكل كبير على حياة الشخص وتتطلب العلاج المناسب الذي قد يشمل العلاج النفسي، والأدوية، أو مزيج من الاثنين

عوامل الخطورة لاضطرابات القلق

تختلف عوامل الخطورة باختلاف أنواع اضطرابات القلق، لكنها تشترك في بعض عوامل الخطر العامة التالية :-

  1.  الشعور بالضيق أو الخجل في المواقف الجديدة في مرحلة الطفولة
  2.  التاريخ العائلي لدى الاقارب من القلق أو الاضطرابات النفسية الأخرى
  3.  التعرض لضغوط الحياة أو للأحداث البيئية المجهدة والسلبية 
  4.  بعض الحالات الصحية الجسدية، مثل الأمراض القلبية والسكري أو مشاكل الغدة الدرقية
  5.  أنواعاً متعددة من المواد أو الأدوية التي يمكن أن تؤثر على الجسم، بما في ذلك الكافيين
متى يجب  استشارة بالطبيب ؟
يجب استشارة الطبيب المختص إذا ظهرت أي من الأعراض التالية :-
  •  التفكير الزائد في ارتباط القلق بمشكلة صحية بدنية
  • الشعور بالقلق المفرط الذي يؤثر سلبًا على الأنشطة اليومية والعلاقات الاجتماعية
  •  الشعور بالخوف الزائد أو التوتر وعدم القدرة على السيطرة عليه
  •  عندما تساور المصاب بالقلق أفكاراً أو سلوكيات انتحارية

أسباب اضطرابات القلق

أسباب اضطرابات القلق ليست محددة تماماً، ولكنها قد تنشأ نتيجة لمجموعة متنوعة من العوامل النفسية والبيولوجية والصحية والبيئية، كما هو موضح أدناه : -

 ⑴  العوامل الوراثية

يقصد بالعوامل الوراثية وجود أساس وراثي للقلق في العائلات، فإذا كان أحد الوالدين أو الأقارب يعاني من اضطراب القلق، فقد تزداد احتمالية  إصابة الفرد به.

⑵  العوامل البيئية
०  التجارب الصادمة أو الأحداث الحياتية الصعبة، مثل الحوادث المرورية، والإساءة، أو الفقدان المفاجئ لشخص عزيز.
  نمط التربية والتنشئة الصارم أو المفرط في الرعاية والحماية.
०  سوء المعاملة، والخسائر الفادحة، أو غيرها من التجارب السلبية تُعد من أبرز الأسباب التي قد تؤدي إلى الإصابة بهذا الاضطراب
⑶  العوامل الاجتماعية
◾ العزلة الاجتماعية ونقص الدعم الاجتماعي لهما دور كبير في تطور اضطراب القلق.

◾ الضغوط الاجتماعية مثل الضغوط المالية، والضغوط المرتبطة بالعمل والدراسة، والعلاقات الأسرية.
⑷ العوامل النفسية
  • بعض خصائص الشخصية مثل الميل للكمال أو السعي المستمر للسيطرة.
  • الضغوط النفسية المزمنة، مثل ضغط العمل أو العلاقات الشخصية المعقدة.

⑸ العوامل الصحية
  بعض الحالات الطبية مثل أمراض القلب، والسكري، أو اضطرابات الغدة الدرقية واضطرابات الجهاز التنفسي،  كالانسداد الرئوي المزمن والربو
 بعض الأدوية التي لها آثار جانبية، بما في ذلك زيادة مستويات القلق.
 تعاطي المخدرات أو الكحوليات أو الانسحاب عنها تؤدي إلى الإصابة باضطراب القلق أو زيادته
⑹ العوامل البيولوجية
  • الاختلالات في كيمياء الدماغ، بما في ذلك النواقل العصبية مثل السيروتونين والنورإبينفرين.
  • النشاط المفرط للجهاز العصبي المركزي، مثل المبالغة في استجابة الجسم للتوتر.

مضاعفات اضطرابات القلق

قد يؤثر اضطراب القلق على جودة حياة الفرد إذا لم يُعالج في الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة لمستوى القلق، مما قد يؤدي إلى حدوث المضاعفات التالية:-

١-  التعرض للاكتئاب، مما قد يؤدي إلى تداخل الأعراض وزيادة صعوبة العلاج

٢-   تطور اضطراب الوسواس القهري أو اضطراب ما بعد الصدمة.

٣-  الأرق أو صعوبة النوم مما يؤدي إلى ضعف التركيز، وزيادة التوتر، ومشاكل صحية أخرى.

٤-   قد يتسبب اضطراب القلق في ظهور أعراض جسدية مثل آلام المعدة، والغثيان، ومتلازمة القولون العصبي والصداع

 ٥-  صعوبة التفاعل الاجتماعي مما يؤدي إلى العزلة والانطواء، وفقدان الدعم الاجتماعي.

٦-  التأثير على العلاقات الشخصية والمهنية، مما يؤدي إلى صراعات أو تدهور في العلاقات مع الأهل، الأصدقاء، والزملاء.

٧-  ضعف القدرة على التركيز والأداء الجيد في العمل أو الدراسة ، والتغيب المتكرر بسبب المشاكل الصحية أو النفسية.

٨-  زيادة خطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل أمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم، والسكري بسبب الإجهاد المستمر وتأثيره على الجسم.

۹-  تبني عادات غير صحية مثل التدخين، والإفراط في تناول الطعام ، وقلة ممارسة الرياضة.

۱۰-  الإدمان أو التأثيرات الجانبية الناتجة عن الاعتماد على الأدوية المهدئة أو المضادة للقلق

الوقاية من اضطرابات القلق

الوقاية من اضطرابات القلق قد تساعد في تقليل احتمالية الإصابة به أو التخفيف من تأثيره على جودة حياة الفرد. سوف نتناول فيما يلي بعض الطرق الفعالة للوقاية من اضطراب القلق.

١- تعزيز الصحة النفسية

يتم تعزيز الصحة النفسية من خلال ممارسة النشاط البدني مثل المشي، والجري، واليوغا، أو التمارين الهوائية، حيث يساعد ذلك في تقليل التوتر وتحسين المزاج عبر إفراز الإندورفينات

ممارسة تقنيات مثل التأمل، والتنفس العميق، واليوغا تساهم في تهدئة العقل والجسم، وتقليل مستويات التوتر، وتعزيز الشعور بالاسترخاء.

٢- التغذية السليمة
  • تناول وجبات غذائية متوازنة وغنية بالفيتامينات والمعادن يعزز الصحة العامة ويقلل من اضطراب القلق.

  • تجنب السكريات الزائدة والكافيين والكحول لأنها تزيد من التوتر والقلق.
٣- النوم الكافي والجيد

الحصول على كمية كافية من النوم الجيد أمر حيوي للصحة النفسية، كما أن الحفاظ على روتين منتظم للنوم يساعد في تحسين نوعية النوم وتقليل اضطرابات القلق

٤- إدارة التوتر

◾ إدارة الوقت بشكل فعال من خلال إنشاء جدول زمني منتظم وتحديد الأولويات تساهم في تقليل التوتر، مما بدوره يساعد في تقليل اضطراب القلق

◾ التعرف على مسببات التوتر والقلق والعمل على التعامل معها من خلال التحدث مع معالج نفسي يساعد في تحديد هذه المسببات ووضع استراتيجيات فعالة للتعامل معها.

٥- الدعم الاجتماعي
  • الدعم الاجتماعي من العائلة أولا ثم الأصدقاء عاملاً مهمًا في الوقاية من القلق.

  • الانخراط في الأنشطة المجتمعية للتغلب على الشعور بالوحدة والقلق.
٦- التفكير الإيجابي وتغيير النظرة السلبية

تدريب العقل على التفكير الإيجابي مثل كتابة اليوميات أو التفكير في الأشياء الجيدة في الحياة وتغيير النظرة السلبية وتبني نظرة أكثر إيجابية ، وتعلم قبول الأمور التي لا يمكن تغييرها والتركيز على الأشياء التي يمكن التحكم فيها يمكن أن يقلل من القلق.

٧- الاستشارة والعلاج

الاستعانة بمعالج نفسي أو مستشار يمكن أن تساعد في التعامل مع اضطرابات القلق بشكل فعال، من خلال العلاج النفسي وإعداد استراتيجيات وأدوات للتعامل مع الاضطراب

٨- تثقيف الوالدين والذات حول اضطرابات القلق
  • القراءة والتعلم عن اضطراب القلق يمكن أن يساعد في التعرف على الأعراض والمسببات وكيفية التعامل معها.

  • معرفة المزيد عن القلق يمكن أن يساعد في تقليل الخوف من الأعراض وزيادة القدرة على التعامل معها.
  • تثقيف الوالدين وكل من يعمل على رعاية وحماية الأطفال بأساليب التربية الصحيحة التي تعزز الصحة النفسية لديهم

٩- العناية بالذات
ممارسة الهوايات من الانخراط في الأنشطة مثل القراءة، والرسم، أو أي نشاط إبداعي آخر مفيد

 تخصيص وقت للاسترخاء والقيام بأشياء محببة لها تأثير إيجابي على الصحة النفسية.

علاج اضطرابات القلق

تُعالَج اضطرابات القلق بالعديد من الطرق، إما بالعلاج النفسي أو بالأدوية أو كليهما. من بين العلاجات يمكن ذكر العلاج السلوكي المعرفي، والعلاج بالقبول والالتزام، بالإضافة إلى الأدوية المضادة للقلق ومضادات الاكتئاب، وحاصرات بيتا.

من المهم أن يتم العلاج تحت إشراف معالج نفسي ذو خبرة، قادر على التشخيص السليم وتقديم الوصفة الطبية المناسبة وفقًا لمستوى القلق لدى الفرد

صحتك 360
صحتك 360
تعليقات